فصل: مسير بهاء الدين سام إلى غزنة وموته وملك بهاء الدين ابنه بعده غزنة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل شهاب الدين الغوري وافتراق المملكة بعده.

لما قضى شهاب الدين شأنه من بلاد الغور وأصلح ما كان بها من الفساد ارتحل من لهاور عائدا إلى غزنة عازما على قصد الخطا بعد أن استنفر أهل الهند وأهل خراسان فلما نزل بدميل قريبا من لهاور طرق خيمته جماعة من الدعار فقتلوا بعض الحرس وثار بهم الناس وذهل باقي الحرس بالهيعة فدخل منهم البعض على شهاب الدين وضربوه في مصلاه وقتلوه ساجدا وقتلوا عن آخرهم أول شعبان سنة اثنتين وستمائة فيقال إن هذه الجماعة من الكوكرية الذين أحفظهم ما فعل بهم ويقال من الإسماعيلية لأنهم كانوا غلوا منه وكانت عساكره تحاصر قلاعهم ولما قتل اجتمع الأمراء عند وزيره مؤيد الدين خواجاسحتا واتفقوا على حفظ المال إلى أن يقوم بالأمر من يتولاه من أهله وتقدم الوزير إلى أمير العسكر بضبط العسكر وحملت جنازة شهاب الدين في المحفة وحملوا خزائنه وكانت ألفين ومائتي حمل وتطاول الموالي مثل صونج صهر الذر وغيره إلى نهب المال فمنعهم الأمراء الكبار وصرفوا الجند الذين أقطاعهم عند قطب الدين أيبك ببلاد الهند أن يعودوا إليه وساروا إلى غزنة متوقعين البيعة على الملك بين غياث الدين محمود ابن السلطان غياث الدين وبين بهاء الدين سام صاحب باميان ابن أخت شهاب الدين فيملك الخزانة والأتراك يريدون طريق سوران ليقربوا من فارس وكان هوى الوزير مؤيد الملك مع الأتراك فلم يزل بالغورية حتى إذا وصلوا طريق كرمان ساروا عليها ولقوا بها مشقة من غارات التتراهية واقعان وغيرهم ولما وصلوا إلى كرمان استقبلهم تاج الدين الذر ونزل عن فرسه وقبل الأرض بين يدي المحفة ثم كشف عن وجهه فمزق ثيابه وأجد بالبكاء حتى رحمه الناس وكان شهاب الدين شجاعا قرما عادلا كثير الجهاد وكان القاضي بغزنة يحضر داره أربعة أيام في كل أسبوع فيحكم بين الناس وأمراء الدولة ينفذون أحكامه وإن رافع أحد خصمه إلى السلطان سمع كلامه ورده إلى القاضي وكان شافعي المذهب.

.قيام الذر بدعوة غياث الدين محمود ابن السلطان غياث الدين.

كان تاج الدين الذر من موالي شهاب الدين وأخصهم به فلما قتل طمع في ملك غزنة وأظهر القيام بدعوة غياث الدين محمود ابن السلطان غياث الدين وأنه كتب إليه بالنيابة عنه بغزنة لشغله بأمر خراسان وتسلم الخزائن من الوزير وسار إلى غزنة فدفن شهاب الدين بتربته في المدرسة التي أنشأها وذلك في شعبان من سنة اثنتين وستمائة وأقام بغزنة.

.مسير بهاء الدين سام إلى غزنة وموته وملك بهاء الدين ابنه بعده غزنة.

كان بهاء الدين قد أقطع باميان ابن عمه شمس الدين محمد بن مسعود عندما ملكها وأنكحه أخته فولدت ابنا وهو سام وكان له ابن آخر من امرأة تركية اسمه عباس فلما مات ملك ابنه الأكبر عباس فغضب غياث الدين وشهاب الدين لابن أختهما وعزلوا عباسا وولوه مكانه على باميان فعظم شأنه وجمع الأموال وترشح للملك بعد أخواله لميل أمراء الغز إليه بعد أخواله فلما قتل شهاب الدين كان في قلعة غزنة نائب اسمه أمير دان فبعث ابنه إلى بهاء الدين محمود ابن السلطان غياث الدين وابن حرميل عامل هراة بحفظ أعمالها وإقامة الخطبة له بها والغورية والأتراك على ما ذكرناه من الاختلاف فسار في عساكره إلى غزنة ومعه ابنا علاء الدين وأمرهما جميعا بالمسير إلى غزنة وبلاد الهند فلما مات ثار ابناه في غزنة وخرج أمراء الغورية لغياث الدين وتلقوهما والأتراك معهم مغلبين فملكوا البلد ونزلوا دار السلطنة مستهل رمضان من سنة اثنتين وستمائة واعتزم الأتراك على منعهم وعادلهم الأمير مؤيد الملك لاشتغال غياث الدين منهم بابن حرميل عامل هراة فلم يرجعوا ونبذوا إلى علاء الدين وأخيه العهد وآذنوهما بالحرب إن لم يرجعا فبعثا إلى تاج الدين الذر وهو بإقطاعه يستدعيانه ويرغبانه بالأموال والمراتب السلطانية والترغيب في الدولة.

.استيلاء الذر على غزنة.

كان الذر بكرمان لما بلغه مقتل شهاب الدين تسلم الأموال والخزائن من الوزير وأظهر دعوة غياث الدين ابن مولاه السلطان غياث الدين وسار بهاء الدين سام من باميان كما ذكرنا ومات في طريقه وملك ابنه علاء الدين غزنة كما ذكرنا واستعطف الأتراك وبعث إلى الذر يرغبه ويسترضيه فأبى من طاعته وأساء الرد عليه وسار عن كرمان في عساكر كثيفة من الترك والخلخ والغز وغيرهم وبعث إلى علاء الدين وأخيه بالنذير فأرسل علاء الدين وزيره ووزير ابنه صلة إلى باميان وبلخ وترمذ ليحشد العساكر وبعث الذر إلى الأتراك الذين بغزنة بأن مولاهم غياث الدين واجتمعت جماعة الغورية والأتراك فالتقوا في رمضان ونزع الأتراك إلى الذر فانهزم محمد بن حدورون وأسر ودخل عسكر الذر المدينة فنهبوا بيوت الغورية والباميانية واعتصم علاء الدين بالقلعة وخرج جلال الدين في عشرين فارسا إلى باميان وحاصر الذر القلعة حتى استأمن علاء الدين في المسير من غزنة إلى باميان ولما نزل من القلعة تعرض له بعض الأتراك فأرجلوه عن فرسه وسلبوه فبعث إليه الذر بالمال والمركب والثياب فوصل إلى باميان فشرع في الاحتشاد وأقام الذر بغزنة يظهر طاعة غياث الدين ويترحم على شهاب الدين ولم يخطب له ولا لأحد وقبض على داود والي القلعة بغزنة وأحضر القضاة والفقهاء وكان رسول الخليفة مجد الدين أبو علي بن الربيع الشافعي مدرس النظامية ببغداد وفد على شهاب الدين رسولا من قبل الخليفة وأحضره الذر ذلك اليوم وشاورهم بالجلوس على التخت والمخاطبة بالألقاب السلطانية وأمضى ذلك واستوحش الترك حتى بكى الكثير منهم وكان هناك جماعة من ولد ملوك الغور وسمرقند فأنفقوا من خدمته وانصرفوا إلى علاء الدين وأخيه في باميان وأرسل غياث الدين محمود أن يصهر إليه في بنته فأبى ذلك ثم جاء في عسكر من الغوريين من باميان وأرسل غياث الدين وفرق في أهلها الأموال واستوزر مؤيد الملك فوزر له على كره.